مونديال قطر : العنصرية الأوروبية والغضب الإسرائيلي والمفاجآت العربية.
عابر سبيل لهذا العدد هو الدكتور عبد القادر فارس من هاملتون انتاريو.
![](https://www.canadasabeel.com/wp-content/uploads/2021/04/images.jpg)
عابر سبيل لهذا العدد هو الدكتور عبد القادر فارس من هاملتون انتاريو…
والعبور بعنوان : مونديال قطر : العنصرية الأوروبية والغضب الإسرائيلي والمفاجآت العربية:
حضور فلسطين برقم الدولة (33) في المونديال رقم ( 22)!!
********
تتفاعل الأحداث الرياضية والسياسية والعاطفية حول الحدث الكبير مع انطلاق كأس العالم لكرة القدم ( المونديال 2022 ) المقام لأول مرة في دولة عربية إسلامية ، بالعاصمة القطرية الدوحة ، التي استعدت بأعلى مستويات الاستقبال بالملاعب الحديثة والفنادق الأرضية والبحرية ، ومئات المتطوعين والمرافقين من أبناء البلد المضيف. فقد تعرضت قطر لحملة تشويه من قبل عدد من الدول الأوروبية ، بدعوى استغلال واضطهاد العمال الذين قاموا ببناء تلك المنشآت ، ووفاة عدد منهم خلال العمل في أجواء البلاد الحارة ، بل وخرجت أصوات من مسؤولين أوروبيين ، بإلغاء البطولة في قطر ، وأن منح قطر تنظيم البطولة كان خطأ فادحا ،، والحقيقة أن العنصرية الأوروبية المتعالية هي وراء حملة التشويه المغرضة ، فكيف لبلد عربي إسلامي صغير أن يحتضن مثل هذا الحدث العالمي ، وقد جاء الرد من رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “جياني إنفانتينو” من الدوحة قبل يوم واحد من انطلاق المونديال ، مهاجما موقف الدول الأوروبية ، قائلا ” إن أوروبا استغلت الموارد كافة بما فيها البشرية لثلاثة آلاف عام في الدول التي استعمرتها ، ولا زالت تستغل اليد العاملة الفقيرة في بلادها ، وأنها تحتاج لثلاثة آلاف سنة مقبلة للتكفير عما فعلته سابقا بحق تلك الشعوب في العالم الثالث . الحدث السياسي الثاني ، كان تغييب روسيا عن المونديال وحرمانها من المشاركة في التصفيات المؤدية للترشح للبطولة ، وهي كانت على مرمى حجر من ذلك ، بعد أن استطاعت الدول الأوروبية المسيطرة على ( الفيفا ) من حرمان روسيا ومقاطعتها بسبب حربها في أوكرانيا ، بينما ظلت دولة الاحتلال الإسرائيلي تشارك في تصفيات المونديال , رغم استمرار احتلالها لفلسطين ، ومواصلة جرائم القتل وتدمير المنازل من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين ، وممارسة سياسة “الأبرتهايدد ” ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 ، وفي الضفة الغربية ، وبذلك تدخلت السياسة في الرياضة ، وغابت روسيا التي كانت آخر من احتضن المونديال السابق عام 2018. الحدث الرياضي الذي نغص علينا كعرب في هذا المونديال ، هو غياب المنتخبين العربيين الكبيرين ، مصر والجزائر ، بحظ عاثر ، أو بفعل التحكيم ، في آخر مباراة لكل منهما ، وفي آخر لحظات المباراتين ، مرة بضياع ضربات الترجيح لمصر أمام السينغال ، وبهدف في الوقت الإضافي بعد الضائع بثواني قليلة ، بعد أن كنا نحتفل بتأهل الجزائر الأكيد ، ولذلك فإن غياب المنتخبين كان مؤلما ، وخاصة أننا لن نشاهد النجم المصري الدولي ونجم (نادي ليفربول) الإنجليزي ” محمد صلاح ” وغيره من نجوم مصر في فريق ” الفراعنة ” ، وكذلك غياب النجم المتألق في نادي (مانشستر سيتي) ” رياض محرز ” ورفاقه في كتيبة محاربي الصحراء.
المفاجأة في هذا المونديال كانت عربية بامتياز ، بعد فوز المنتخب السعودي على المنتخب الأرجنتيني ، وهو من أول المرشحين للوصول للدور النهائي ، أو الفوز بكأس العالم ، والمفاجأة الثانية كانت فوز المنتخب المغربي على المنتخب البلجيكي ، الذي يحتل المرتبة الثانية عالميا في تصنيف ( الفيفا ).
المفاجأة الأكبر كانت الحضور الفلسطيني اللافت في المونديال ، من خلال علم فلسطين الذي يرفع ويرفرف في كل مكان ، في الملاعب وفي الساحات ، في رد من الجماهير العربية على الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه ، والمواقف المخزية والمنحازة من الدول الأوروبية والمجتمع الدولي تجاه الحقوق الفلسطينية ، وهنا عبرت الجماهير العربية عن محبتها لفلسطين وقضيتها العروبية ، وكأن فلسطين حاضرة في هذا المونديال برقم الدولة ( 33 ) بعد المنتخبات الــ ( 32 ) المشاركة في نهائيات كأس العالم الثانية والعشرين . وهنا لا بد من التذكير والتنويه ، إلى أن اتحاد كرة القدم الفلسطيني يعتبر من أقدم الاتحادات الدولية ، فقد تأسس عام 1929 ، وشاركت فلسطين في الدورة الثانية للمونديال ، التي أقيمت في إيطاليا عام 1934 ، ووصلت إلى التصفيات النهائية في مباراة فاصلة مع مصر ، وخسرت المباراتين ذهابا في القدس وعودة في القاهرة ، وبعد تلك الدورة لم تشارك في تصفيات كاس العالم ، فقد توقفت البطولة في دورتي 1942 و 1946 بسبب الحرب العالمية الثانية ، ثم تم احتلال فلسطين من قبل العصابات الصهيونية عام 1948 ، وانتهى تمثيل فلسطين حيث أصبح التمثيل لدولة الاحتلال (إسرائيل) ، وتم تغييب فلسطين ، إلى أن تم الاعتراف باتحاد كرة القدم الفلسطيني من الاتحاد العربي لكرة القدم عام 1974 ، لكنها لم تستطع المشاركة في كأس العالم ، بسبب عدم انضمامها لاتحاد كرة قاري ، إلى أن تم الانضمام لاتحاد كرة القدم الآسيوي عام 1998 ، في أعقاب قيام السلطة الوطنية على الأرض الفلسطينية ، وفي نفس العام تم اعتراف ( الفيفا ) بالاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، وصارت فلسطين تشارك في التصفيات الآسيوية لكرة القدم لكأس العالم ، لكنها لم تستطع الوصول إلى التصفيات النهائية ، ولكنها في المونديال رقم ( 22 ) المقام حاليا في قطر ، فرضت فلسطين وجودها كالدولة رقم ( 33 ) من خلال علم فلسطين المرفوع في جميع المباريات ، وتحمله الجماهير العربية ، وكثير من الجماهير من الدول الغربية المشاركة ، وهو ما أدي إلى ردود فعل غاضبة من دولة الاحتلال الإسرائيلي ، وخاصة أن الجماهير حملت الأعلام الفلسطينية في كل مكان ، وكان العلم حاضرا في جميع المباريات ، ووضع كثير من الجمهور شارة الكوفية الفلسطينية على الأذرع والأيادي ، ورفضوا التعاطي مع أو الحديث مع وسائل الإعلام الإسرائيلية ، ومن حضر من الإسرائيليين لمشاهدة المونديال ، وباتوا منبوذين ومعزولين ، مما أدي بحكومة إسرائيل إلى الطلب من مواطنيها عدم السفر إلى قطر ، وتوجيه شكوى لــ ( الفيفا ) وللدولة المنظمة قطر ، وهكذا حضرت فلسطين وغابت إسرائيل ، وهو ما ترجمه رد مواطن سعودي على مراسل التلفزيون الإسرائيلي ، عندما طلب منه إجراء مقابلة معه فرد عليه ” لا يوجد شيء اسمه إسرائيل ، هناك فقط دولة فلسطين ” وهكذا أصبح مونديال قطر يسمى أيضا ( مونديال فلسطين ).
***