ثقافيات

عندليب فلسطين وشاعر العودة في ذمة الله .

هارون هاشم رشيد ينتقل لرحمة الله في كندا مساء 26 تموز 2020.

كتب : محمد هاون – ميسيساغا اونتاريو
***
ووري ظهر اليوم تراب المغترب الكندي المرحوم الشاعر هارون هاشم رشيد عن عمر ناهز ال 93 عاما قضاها كاتبا وشاعرا ومذيعا وصوتا لأهل المخيم واللاجئيين الفلسطينين.
رحل صاحب :
سنرجع يوماً الى حينا
ونغرق في دافئات المنى
سنرجع مهما يمر الزمان
وتنأى المسافات ما بيننا
رحل الشاعر الكبير بعيداً عن الوطن بعيدا عن الدفئ ولكن الحب والتقدير والإمتنان الذي وجده اليوم قد يعوضه عن الغياب الطويل عن مراتع الطفولة ومرابعها .
فلولا وباء الكوفيد 19 لاكتظت المقبرة الاسلامية باوكفيل اونتاريو بالمشاركين ، فبحكم جيرتي له بمدينة ميسيساغا وتواصلي مع عائلته بالفترة الأخيرة، وأول من أذاع خبر الوفاة ( بساخر سبيل فيسبوك ) فقد انهالت علي الاتصالات مطالبة بتفاصيل المشاركة فهذا الفلسطيني العتيق والمكتنز بالانجازات والتضحيات فمن أقل الواجب المشاركة بجنازته والتعزية لعائلته الكريمة . ولم لا وهو لم يترك طوابير المدارس الصباحية في الوطن ومخيمات الشتات الا ورددت أناشيده بحب وتقدير وحماس كما وصدح الكثير من المغنين العرب بأشعاره واستمع له أبناء الشعب الفلسطيني وغيرهم من العرب الأحرار في الاذاعات والمنصات الخطابية.
ولكن لكل أجل كتاب …
فقد انتقل الى رحمة الله مساء يوم أمس الأحد 26 تموز يوليو 2020 الشاعر الفلسطيني المرحوم باذن الله هارون هاشم رشيد.
وكانت صلاة الجنازة ظهر اليوم الأثنين 27 تموز من مسجد اسنا بميسيساغا اونتاريو . و لظروف الكورونا تمت ترتيبات خاصة بحيث تمت المشاركة بالصلاة والدفن بظروف صعبة مما حد من أعداد المشاركين بهذه المناسبة الحزينة .


***
ومنذ فجر اليوم امتلأت منصات التواصل الإجتماعي بكندا والخارج بخبر وفاة صوت فلسطين صوت الثورة الفلسطينية الشاعر والمؤرخ والمربي المرحوم هارون هاشم رشيد . وقد نعت المفوضية الفلسطينية العامة في العاصمة الكندية أتاوا، المرحوم الشاعر الفلسطيني الكبير وذلك من خلال كتاب أرسل لعائلة الفقيد ووسائل الإعلام . كما تقدم مركز الجالية الفلسطينية – البيت الفلسطيني بميسسيساغا بأحر التعازي والمواساة لآل الفقيد و لأبناء شعبنا بكندا والخارج .

كما نعت وزارة الثقافة الفلسطينية في رام الله ، الشاعر الوطني الكبير هارون هاشم رشيد،…
وقالت الوزاة في بيانها: إن رحيل الشاعر الكبير هارون هاشم رشيد، خسارة للثقافة الوطنية الفلسطينية والعربية، وتخسر فلسطين رمزاً من رموزها الإبداعية وعلماً من أعلامها النضالية الكفاحية، الذي كرس حياته وعمره من أجل الحرية والخلاص والعودة. وعند سماعه خبر وفاة شاعرنا الكبير كتب الشاعر الفسطيني رشدي ماضي من حيفا على صفحة ساخر سبيل فيسبوك :


فارس
الكلمة والقصيدة الثائرة
ترجل
عن صهوة الابداع
لكن يا رفيق الدرب
انا لن اقول لك وداعا
فانت الشاعر العالي
ذروة
تطال قمم القصيد
وقد وهبتك قصيدتك نبص الديمومة والبقاء
ابدا
لا بداية له
وازلا
لا تدركه نهاية
فالباري عز وجل
يا رفيقي
خصك مبدعا باسقا وسامقا
بعمرين
سبحانه
كي تبقى قصيدة
حضورا بين عشاقيك
عصيا
على الرحيل والغياب
سافر
يا رفيقي
جسدا طاهرا طهورا
توضا
بزمزم الشعر
لتبقى الصوت
وتبقى صداه
اسال الله ان يتغمدك
بواسع رحمته
ويسكنك فسيح جنانه
وانا لله وانا اليه راجعون
ستبقى ذكراك خالدة
____
وفي صفحة أخرى قال الشاعر رشدي الماضي

اخوتي
كبيرنا لم يقل
ان الليل والنهار
اتعباه
وعلى بعد خطوة
من ثرى وطنه
صارت يداه ترتجفان اكثر
وقصيده تعلو
كدالية وتينة وزيتونة
لكن
ما حيلته وهو
هناك
في الغربة والمنفى
حين احس ان الاشجار
انهكها الخريف…
سافر
ايها الرفيق
سافر وانت قرير العين
ثرى وطنك
يحتصنك روحا وجسدا
طاهرين طهورين
وقصيدة ثائرة
وانت في البعيد البعيد

***
كما نعت الدكتورة نهى عفونة العايدي – أمين سر المجلس الإداري للاتحاد العام للأدباء والكتاب الفلسطينين برسالة تنعى الفقيد:
.. وداعا أبا الشعراء ، فقد أبحرت في أشعارك في رحلة مستمرة من 1927 وحتى 2020، وعلى صفحة البحر الفلسطيني نسجت عذابات اليتم والقهر والتشرد بكل جوارحك ،وكنت ربانا ماهرا يسبح في قصائد الرقة والحنين حيث النوارس البيضاء ، ومفردات الأمل والمستقبل ، وأناشيد الغضب والكفاح ،حيث عبرت عن نبض الأجيال المؤمنة بالنصر الآت لا محالة .

 


***
ساهمت جريدتنا ساخر سبيل بأنشطة ولقاءات عديدة بين شاعرنا المرحوم هارون هاشم رشيد والعديد من القامات الثقافية والسياسية والاعلامية العربية والتي كانت تزور كندا وترغب بلقاء الشاعر هارون هاشم رشيد وذلك حسب ظروفه الصحية ، ومنهم الشاعر العراقي سعدي يوسف وزوجته د. اقبال والشاعر الفلسطيني رشدي الماضي
د. نهى عفونه العايدي من الاتحاد العام للأدباء والكتاب الفلسطينين والدكتور واستاذ الاقتصاد في جامعة ماك ماستر عاطف قبرصي والدكتور عز الدين أبو العيش والعديد من الشخصيات السياسية ومن المثقفين الفلسطينين والعرب أبرزهم سفير فلسطين السابق السيد نبيل معروف ابو رامي .

وكنا قد أجرينا المقابلة التالية مع الشاعر قبل سنوات قليلة في بيته في ميسيساغا اونتاريو:
***
لقاء العدد مع الشاعر الفلسطيني الكبير هارون هاشم رشيد
هارون هاشم رشيد “”شاعر العودة والمخيم ”
أجرى اللقاء : محمد هارون .
المقدمة :
سؤال يطرح نفسه من البداية، ما الذي سنقدمه هنا في كندا للسيدات والسادة القراء عن شاعر معروف منذ زمن، وكتبه وما كُتب عنه تملؤ الرفوف والمواقع الاليكترونية، حقيقة ما دفعنا لعمل لقاء مع شاعرنا الكبير هو الحاجة المستمرة لضخ المعرفة والحماسة للجيل الجديد وإلى من لا يعرف عن بدايات النكبة وتفاصيلها ونحن على ابواب احياء ذكراها، وأيضاً لأننا وكثيراً ما نبدأ صباحنا نحن أهل فلسطين بكل مواقعنا بأغاني المطربة اللبنانية الرائعة السيدة فيروز، لكثرة ما غنت وانشدت لفلسطين ولعودة المهجرين والمشردين ، ومنها أغنية ” سنرجع يوماً ” الشجية التي يقول مطلعها :
سنرجع يوماً الى حينا
ونغرق في دافئات المنى
سنرجع مهما يمر الزمان
وتنأى المسافات ما بيننا
سنرجع خبرني العندليب
غداة التقينا على منحنى
و للأسف أن الأغلبية لا تعرف أن صاحب هذه الأغنية وكاتب كلماتها هو الشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد ، شاعر العودة والمخيم . ولكننا عندما قابلناه شخصيا هنا في كندا تغير تفكيرنا بل انتفض للكتابة من جديد ، كيف لا وقد تعلمنا منه وبكل فخر ومن خلال جلسة واحدة باننا أمام مكتبة وكنز فلسطيني يحمله هذا الرجل، القامة الفريدة والنادرة بذاكرته وحسه المرهف، حدثنا عن ما قبل النكبة وعنها، عن بداية الصراع ، عن الإنتصارات والهزائم وأسبابها، عن اجتماعاته مع زعماء فلسطين والعرب، قرأ لنا قصائده غيباً وبحماسة يفتقدها الشباب وهو قد تجاوز التسعين نيفاً. وللذين لا يعرفون شاعرنا الكبير كان السؤال الأول :
س1 : أستاذ هارون الرشيد لو تكرمت خبرنا عن أين ومتى ولدت، وحدثنا عن طفولتك وشبابك ومراتع الصبا وما قصة تسميتك هارون الرشيد هاشم رشيد وهل لتلك التسمية من مفارقات في حياتك؟ .
ج1: ولدت بحي الزيتون بمدينة غزة ، في العاشر من تموز ١٩٢٧ في ذلك اليوم حدثت هزة ارضية قوية في فلسطين ، ومنذ ذلك اليوم وحياتي تتميز بزلازل متفاوتة القوة ، ولأن والدي يحب العباسيين ,خاصة الخليفة هارون الرشيد فقرر ان يطلق عليّ اسم هارون الرشيد هاشم رشيد ، وعندما بدأت حياتي المدرسية كانت تلاحقني تساؤلات المدرسين مما اصبح يشكل لي ازعاج فاكتفيت بهارون رشيد.
س2 : ما هي التجارب الأولى التي أدخلتك محراب القضية الفلسطينية وجعلتها فيما بعد همك الأول .
ج2: منذ نعومة أظافري كما يقال ، فتحت عيني على ما يجري حولي ، والتقطت أذناي كلمات مثل الإنجليز اليهود ، إضراب ، ثورة ، مروراً بالإضراب الكبير عام ١٩٣٦ احتجاجاً على الهجرة اليهودية الى فلسطين شأني شان كل أطفال فلسطين منذ ذلك الحين، وحتى لحظتنا هذه ثم كانت النكبة عام ١٩٤٨ وبدا تدفق اهلنا من مدن وقرى جنوب فلسطين عن طريق البحر وكنت مع الشباب من جيلي ننتظر مراكب الهجرة على شاطئ غزة ،كي نساعد في إيوائهم وتقديم ما نستطيع لمساعدتهم كل ذلك كون في وجداني وداخلي تلك المشاعر التي تفجرت شعراً .
س3: : لماذا أطلق عليك الشاعر الفلسطيني الكبير عز الدين المناصر تسمية شاعر القرار194 أو بمعني آخر ماهي المرجعية الشعرية التي أدت به إلى تسميتك بذلك ؟
ج3: لكثرة ما نظمت من قصائد تصف اللاجئين وأحوالهم ، ظن كثير من الناس أنني لاجئ، وقد اطلق الشاعر العزيز عز الدين المناصرة هذا اللقب وذلك نسبة الى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم.
س4 من المعروف بانك من أكثر الشعراء الفلسطينيين استخداماً لمفردات العودة ، وممن حملوا المدن الفلسطينية في صدورهم وقلوبهم ووظفوها في قصائدهم. ولماذا تبدا كلماتك على الغالب بحرف السين من مثل سنعود، ما يميز اشعارك أيضاً انها تتسم بالقوة و الاصرار فما هو سر ايمانك بذلك؟
ج4: لدي يقين لم يتغير في إنصاف هذا الشعب الصابر ، واستعمال السين يدل على المستقبل القريب ،ان شاء الله.
س5: ما هي أكثر المواقف التي مرت بتاريخكم الحافل وجعلتك تشعر بأننا بعيدون عن تحقيق أمانينا أو بعض المواقف التي أشعرتك بأن النصر قريب .
ج5: بداية عمليات السلام احسست اننا نبتعد عن إنصاف الفلسطينيين ، لكن اصرار الشباب على الحصول على حقوقه المشروعة حتى بالمقاومة السلمية جعلتني اشعر ان الفرج قريب.

س6: ونحن قريبون من ذكرى النكبة في 15 أيار مايو ماذا تقول للفلسطينين وخاصة الشباب منهم.
ج6: أنا كلي فخر بهؤلاء الشباب ، ونحن نتعلم منهم ، وأدعوهم الى المزيد من العلم والثقافة وخاصة حول قضيتنا ، و أقول لهم أيضاً اذا تخلى عنكم العالم فان الله معكم.

س7: ما تقيمك لأنشطة المجتمع العربي الكندي وأنت الجديد عليه ، وخاصة في الجانب الثقافي ؟.
ج7: في الواقع وضعي الصحي لا يمكنني من متابعة جميع النشاطات لكن ما يصل إليَّ من اخبار ما تقومون به من فعاليات هي جهود مشكورة وجيدة ، وأنا اكتفي بقراءة ما تصدرونه من صحف وهي تفي بالغرض الى حد كبير .
الخاتمة : نتقدم بوافر الشكر والإمتنان لشاعرنا الكبير على استقبالنا وبالتالي زيادة تجربتنا وكل التقدير للسيدة لزوجته التي ساهمت بانجاح هذه المقابلة .
***

فيديو وصور من جنازة الراحل هارون هاشم رشيد وبعض الصور من أنشطة سابقة له .

***

صور من لقاءات سابقة مع الشاعر الكبير .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock