اقتصاديات

عايش سبيل – ص 10 – العدد 159

الاقتصاد الكندي يحقق استقراراً تدريجياً في الربع الثالث بعد فترة انكماش حاد.

الاقتصاد الكندي يحقق استقراراً تدريجياً في الربع الثالث بعد فترة انكماش حاد.
بقلم: علي بدري وكيل وخبيرعقاري مسيساغا – أونتاريو.

*****

شهد الاقتصاد الكندي خلال الربع الثالث من عام 2025 حالة من الاستقرار النسبي بعد انكماش قوي في الربع الثاني. ورغم أن وتيرة النمو لا تزال بطيئة، فإن المؤشرات الحديثة تعكس انتقال الاقتصاد من مرحلة التراجع الواضح إلى مرحلة هدوء وتوازن تدريجي، وهو ما يشير إلى بداية مسار تعافٍ وإن كان محدوداً. في الربع الثاني من عام 2025، تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تقارب 1.6% نتيجة انخفاض الصادرات وتضرر القطاعات المرتبطة بالتجارة الدولية. أما في الربع الثالث، فتُظهر التقديرات الأولية نمواً يتراوح بين 0.4% و0.5%، ما يشير إلى تصحيح جزئي للتراجع الذي شهده الاقتصاد سابقاً. ويعود هذا التحسن إلى استقرار الإنفاق المحلي وتحسن بعض المؤشرات القطاعية، إلى جانب ارتفاع تدريجي في إنتاج الطاقة خلال نهاية الربع كما أظهرت بيانات شهر أغسطس¹ انكماشاً شهرياً يقارب –0.3%، قبل أن تتحسن المؤشرات في سبتمبر، وهو ما عزز فرص تسجيل الربع الثالث نمواً إيجابياً ولو بمعدل منخفض.
عوامل تدعم النمو: عدة عناصر ساهمت في منع الاقتصاد من التراجع المستمر، من أبرزها..
1. استقرار الإنفاق المحلي
حافظت الأسر على مستويات إنفاق قريبة من المعتاد رغم ارتفاع الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة. هذا الصمود الاستهلاكي لعب دوراً رئيسياً في دفع قطاعات الخدمات والتجزئة إلى الأمام، خصوصاً في المدن الكبرى حيث يتسم الطلب بالمرونة.
2. تحسن القطاع السكني
شهدت إعادة بيع المنازل ارتفاعاً تدريجياً منذ الربيع، ما ساهم في تعزيز الاستثمار السكني. وبالرغم من البيئة المالية المشددة وارتفاع الفائدة، فإن الطلب العقاري ظل حاضراً، الأمر الذي أسهم في تنشيط قطاعات البناء والإنشاءات.
3. ارتفاع الإنتاج النفطي
ارتفع إنتاج النفط في سبتمبر بعد تراجع سابق بسبب حرائق الغابات وأعمال الصيانة. هذا الارتفاع دعم قطاع الطاقة وأدى إلى تعزيز الناتج المحلي، نظراً للدور الحيوي الذي يلعبه القطاع في الاقتصاد الكندي.
عوامل تضغط على النمو: رغم هذه الإيجابيات، ما تزال هناك تحديات مؤثرة…
1. استمرار ضعف الصادرات: تراجعت الصادرات بشكل ملموس بسبب اضطرابات التجارة العالمية وتقلبات الشحن، وهو ما أثر على الصناعات التحويلية والتجارة بالجملة. وتعتمد كندا بشكل كبير على التصدير، ما يجعل هذا العامل من أهم الأسباب المؤثرة في تباطؤ النمو.
2. تباطؤ الاستثمار التجاري: شهد الاستثمار في الآلات والمعدات تباطؤاً، مما يشير إلى حالة حذر لدى الشركات في التوسع والإنفاق الرأسمالي. ضعف الاستثمار قد يحد من قدرة الاقتصاد على تحقيق نمو قوي خلال الفترات القادمة.
3. أثر انكماش أغسطس: الانكماش الذي حدث في أغسطس حدّ من متوسط النمو في الربع، قبل أن تعوّضه مؤشرات سبتمبر، لكنه لا يزال عاملاً ضاغطاً على ا
نظرة مستقبلية: تشير التوقعات إلى إمكانية تحقيق تحسن تدريجي خلال الربع الرابع من العام، خاصة إذا استمر الاستقرار في الطلب المحلي وتحسنت ظروف التجارة الدولية. كما قد تشهد بيانات الربع الثالث مراجعات لاحقة نتيجة تأخر بيانات التجارة لشهر سبتمبر، ما قد يرفع أو يخفض التقديرات الحالية.
الخلاصة: يظهر الاقتصاد الكندي انتقالاً فعلياً من مرحلة الانكماش الواضح إلى مرحلة استقرار ونمو متواضع. ورغم أن التحسن ليس كبيراً، فإنه يشير إلى توقف التراجع وبدء تشكل عوامل داعمة للتعافي. استقرار الإنفاق المحلي، وتحسن قطاع الإسكان، وارتفاع الإنتاج النفطي عناصر ساعدت في ذلك، بينما تظل الصادرات الضعيفة والاستثمارات المحدودة التحديات الأساسية خلال المدة المقبلة.
توضيح حول المقصود ببيانات شهر أغسطس: تشير “بيانات شهر أغسطس” إلى التقارير الاقتصادية الشهرية التي تصدرها هيئة الإحصاء الكندية، والتي تُستخدم لتقدير النشاط الاقتصادي قبل صدور التقرير الفصلي الكامل. وتشمل هذه البيانات ما يلي: الناتج المحلي الإجمالي الشهري- مبيعات التصنيع-الإنتاج الصناعي – حركة التجارة بالجملة والتجزئة- حجم الإنتاج في قطاعي النفط والغاز- أداء قطاع البناء- مستوى نشاط الخدمات والنقل.
****

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock