كنديات

لقاء سبيل – مع السيد فراس مريش .

العدد 110 ص 8

أجرى اللقاء : محمد هارون


المقدمة :
يطيب لنا في هذا العدد بأن يكون ضيفنا هو السيد فراس مريش وهو من أبرز الكنديين العرب والناشط في أكثر من مجال وأبرزها الفعاليات الإجتماعية والسياسية . نحن هنا لا ندعي باننا أول من قابله ولكن نحاول مواصلة ما قام به زملاء من الوسط الإعلامي، بحيث نركز على محور أساسي وهو الانتخابات الكندية الأخيرة ونتائجها ثم نتحدث عن نشاط السيد مريش في أوجه أخرى نتابع من خلالها ما قام به سابقا ونسبر أغواره لنستشف بماذا يفكر وكيف يعمل لتطوير العمل الجاليوي في المستقبل . والآن لنستفيد سوية من هذه القامة والقيمة العربية الكندية المتميزة ..فإلى الأسئلة .
***

س1 : مهندس فراس .. نزداد شرفاً لو تعرفنا بنبذة عن شخصيتكم من بدايات الهجرة لكندا والدراسة والعمل .
ج1: فراس مريش ناشط اجتماعي وسياسي. أعمل في خدمة المجتمع العربي والمسلم في كندا منذ أكثر من 20 عاما. أعتز بهويتي العربية المسلمة وبانتمائي للمجتمع العربي بشكل خاص والمجتمع المسلم بشكل عام، واعتبره عائلتي الكبيرة في كندا. وأعمل جاهدا على الرفع من شأن مجتمعنا ليكون في مصاف المجتمعات القوية والكريمة في كندا.

س2 : نبدأ – وكما وعدنا بالمقدمة – بالحديث عن الانتخابات الكندية الفيديرالية ، ” كانك يا أبو زيد ما غزيت ” تلك العبارة كانت العنوان الرئيس للعدد الماضي لجريدتنا وذلك تعقيبا على نتيجة الانتخابات والإرتدادات التي نجمت عنها .. ما هو تعليقك على هذه العبارة؟
ج2 : للأسف أبو زيد أو الأصح أن نقول “أبو بيير ترودو” حقق مكاسب للحزب الليبرالي على حساب إرباك المواطن في وضع صحي واقتصادي حرج. أما المكاسب الحزبية فتمثلت بتوجيه ضربة لباقي الأحزاب في وقت عدم جهوزيتهم لخوض انتخابات وانتزاع على الأقل سنتين من الثبات في الحكم لا أعتقد أن تجرؤ المعارضة فيها أن تسقط الحكومة. ولو كان تأخر بضعة أشهر في اسقاط حكومته وإعلان الانتخابات لكان من الممكن أن يخسر الحكومة لصالح الحزب المحافظ. ولكن في حقيقة الأمر قد فشل الحزب الليبرالي في الفوز بعدد كاف من المقاعد في البرلمان لتشكيل حكومة الأغلبية التي كان يحلم بها.
س3 : مجموعة “آي سي فوت” (AC VOTE) في ميسيساغا هي من أبرز التجمعات التي تعمل في حقل التجهيز والتنفيذ والتقيم للعمل السياسي العربي في منطقة تورونتو الكبرى على الأقل . أرجو من حضرتكم تسليط الضوء على هذه المؤسسة أو التجمع تأسيسه وأهدافه وانجازاته.

ج3: منظمة غير ربحية أنشأت رسميا عام 2018. الفريق المؤسس تشكل من 11 ناشط ومتخصص في مجالات مختلفة منها الإدارة والتخطيط الاستراتيجي والنشاط الاجتماعي وطبعا السياسي.
أهداف المنظمة تتلخص في ثلاث نقاط:
1- إظهار وتطوير عوامل القوى في المجتمع العربي ( Empower): المجتمع العربي في كندا وخصوصا في منطقة تورونتو الكبرى (GTA) يمتلك العديد من عوامل القوى التي تؤهله أن يلعب دورا مهما في العملية السياسية. ومن أهم هذه العوامل تمركز عدد من المواطنين العرب في عدد من الدوائر الانتخابية في منطقة تورونتو الكبرى (GTA) وإمكانية تجميع الصوت العربي ككتلة تصويتية ليكون ليحدث الفرق كمرجح في عدد الأصوات النهائي.
2- توعية المجتمع العربي بالعملية السياسية وتفاصيلها المعلنة والغير معلنة ( Educate): للأسف المفهوم العام الموروث للسياسة عند المواطن العربي الكندي قد يحول بينه وبين المشاركة الفعالة في العملية السياسية في كندا. أضف على ذلك سوء فهم أو عدم فهم تفاصيل العملية السياسة فيما يخص الحكومات والأحزاب وغيرها من التفاصيل المهمة التي تمكن المجتمعات الفاعلة من الاستفادة من العملية السياسية.
3- تشجيع أبناء المجتمع العربي على المشاركة الفعالة في العملية السياسية وتهيئ المتطلبات والآليات اللازمة لهذه المشاركة ( Engage): بعد تحقيق الهدفين الأوليين يصبح من الممكن دفع أبناء المجتمع العربي للمشاركة بقوة في العملية السياسية، ولكن يتبقى دور مهم تقوم به الـ( AC VOTE) في تقوية عملية المشاركة ويتمثل في الحوار والمفاوضات مع المرشحين وقيادات الأحزاب لتحقيق مكاسب أكبر قد لا تتحقق عبر صناديق الانتخابات.
أما عن إنجازات منظمة الـ( AC Vote) فيجب أن نؤكد أن مقياس النجاح والإنجازات لا يقيم في موسم انتخابي واحد بكل بساطة لأن عملنا به أهداف على المدى البعيد وأهداف آنية. فهنام أهداف تتحقق في موسم الانتخابات الآني وأهداف ستؤتي أكلها في الموسم اللاحق. ومن الأهداف التي تحققت في نفس الموسم على سبيل المثال كانت في الانتخابات الفدرالية عام 2019 حيث أثر نشاط الـ( AC Vote) بشكل واضح في تثبيت 5 نواب في مقاعدهم بعد أن كانوا مهددون بالخسارة بحسب كل الاستطلاعات المشهورة. أما في الانتخابات الفدرالية عام 2021 فقد استطعنا وبفضل الله أولا وجهود العملين على نشر فكرة عدم الارتباط بحزب واحد والتبعية الحزبية على الرغم من المعارضة من بعض الأطراف لهذا المبدأ، ولكن لمسنا جميعا تقبل شريحة كبيرة من أبناء مجتمعنا لهذه الفكرة. وقمنا أيضا بفتح قنوات مهمة مع جميع قيادات الأحزاب للتنسيق للتعاون المستقبلي الذي سنرى ثماره في القريب العاجل إن شاء الله. نضف إلى ذلك تنسيق وقيادة حملة المشاركة في انتخابات القيادة في الحزب الليبرالي في أونتاريو والحزب المحافظ الفدرالي. وقد قدمت الـ( AC Vote) العديد من المحاضرات البرامج عن العملية السياسية في كندا ونخص بالذكر دورة القيادة السياسية للشباب والتي عقدت في ديسمبر 2019 وشارك فيها أكثر من 50 شاب وفتاة من أعمار 16 – 25. وحضر الدورة قائد الحزب الليبرالي في أونتاريو.
س4 : قلت في إحدى المقابلات : “هدفنا واضح، لا نريد أن يتحالف العرب والمسلمون مع حزب واحد. إذا تحالفنا مع طرف واحد فقط ، فإن الآخرين سيقفون ضدّنا” !.. نود لو حصلنا على بعض التفاصيل.


ج4 : صحيح. أولاً، يجب أن نعلم أن كل حزب له أجندته وأهدافه الخاصة. ولا يوجد أجندة لأي حزب تخدم جميع مكونات المجتمع الكندي وفئاته، بل على العكس فأن بعض أهداف الأحزاب قد تخدم البعض على حساب الآخر وقد تضر البعض. وأضرب مثل التطرف التقليدي اليميني لبعض الأحزاب الذي يودي إلى رفض المهاجرين الجدد. مقابل التطرف اليساري لأحزاب أخرى التي تحارب الدين والفطرة. إذا التحالف المطلق مع حزب واحد قد يضعنا في حرج واضطرار لقبول كل ما يقدمه الحزب من خير وشر وهذا لا يليق بنا. … ثانيا: التحالف المطلق مع حزب واحد المبني على معاداة باقي الأحزاب أو حزب آخر أمر في غاية الخطورة لأن الأحزاب لم ولن تدوم في السلطة. فإذا شعرنا بالأمان إذا كنا اليوم في تحالف مع الحزب الحاكم فكيف سيكون حالنا إذا خسر الحزب الحليف الحكم وأصبح الحزب المعادي هو الحاكم؟؟؟ قد ينتقم منا شر انتقام وما حكم “هاربر” عنا ببعيد. فاعتبروا يا أولو الألباب. إذا التحالف المطلق مع حزب واحد ومعاداة حزب آخر كبير حتما سيدفع بالحزب العدو لكرهنا والتطرف ضدنا. ولا يوجد عاقل يقبل بهذا الأمر. وفي المقابل سيدفع الحزب الحليف للانتقاص من قدرنا واستغلالنا وفي المحصلة لن يوفنا حقنا. وخصوصا أن كان التحالف عن ضعف من غير شروط ومفاوضات فنصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار.
س5: سؤال أخير عن الإنتخابات : برأيكم، متى سنصل كعرب كنديين مسلمين ومسيحين للتواجد في الصفوف الأمامية للعمل السياسي في كندا ؟
ج5: أجيب على هذا السؤال باختصار شديد، عندما نلقي بخلافتنا القديمة والموروثة في سلة المهملات ونتقن فن العمل الجماعي المرتكز على إلغاء المصلحة الشخصية وإعلاء المصلحة العامة لمجتمعنا. وإن لم يستطع الجيل الأول من المهاجرين العرب تحقيق هذا الأمر فأرجو أن يحققه الجيل الثاني.
س6: ننتقل الى نشاط آخر، ولنأخذ مشاركتكم في تأسيس منظمة أو مؤسسة الدار في اوكفيل ..
ما هي أهدافها ومهاتها ورؤيتها ومذا قدمت للعرب المسلمين في منطقة تورونتو الكبرى ؟
ج6 : كان لي شرف المشاركة في تأسيس مؤسسة الدار عام 2009. وكان هدفها الرئيسي هو المحافظة على اللغة العربية، لغة القرآن الكريم. وقد تطورت المؤسسة ولله الحمد لتصبح من أكبر المؤسسات في المنطقة القائمة على خدمة المجتمع المسلم في المجالات الدينية والاجتماعية والتنموية.

س7: باعتباركم من المتابعين المتميزيين للأنشطة التي تقوم بها بها التجمعات والبيوت والروابط الكندية العربية، ما تقييمكم لإنجازات هذه التجمعات وما تصوركم لمستقبلها وكيف يمكن تطوير العمل الجاليوي .
ج7: رغم كل الصعاب وحالات التعثر والانشقاق والفشل الذي لا يخفى على أحد فأنني ما زلت أؤمن بأننا سنصل إن شاء الله إلى ما نصبوا إليه من عمل حرفي، مخلص وجامع لأبناء مجتمعنا الكرام. فهناك الكثير من المخلصين الذين ما زالوا يحاولون وهناك الكثير من الأكفاء الذين لم يعطوا الفرصة بعد للإنتاج. وأقول لهؤلاء وهؤلاء لا تكلوا، ولا تملوا ولا تهنوا ولا تحزنوا واصبروا وصابروا ورابطوا فمن سار على الدرب وصل. وأذكر أبناء مجتمعنا الكريم أن تجمعنا هو الوسيلة الوحيدة لحفظ حقوقنا وتقدمنا ورفعتنا ونجاتنا من التحديات والمخاطر التي لا تزال تزداد ولا نتقص. أما عن الرؤية للمستقبل وكيفية العمل الجماعي الجامع فلا شك بأنه يتغير مع الممارسة والخبرة. فمفهوم العمل الموحد تحت مؤسسة واحدة قد لا يكون هو الحل الأمثل وخصوصا أن أبناء مجتمعنا وخصوصا من الجيل الأول يحملون أفكارا مختلفة ولديهم أساليب عمل مختلفة قد تحول دون التجمع في جسد واحد وقد تؤدي إلى التصادم والخلاف كما حدث من قبل. ولكن حذار من التقاعس والانسحاب. فلكل داء دواء. وأرى أن الدواء والحل في إنشاء تجمعات ومؤسسات من أفراد وجماعات متجانسة ليتسنى لها ممارسة واتقان العمل الجماعي بأقل قدر من الاختلاف والتوتر حتى نتمكن من انتاج أكبر عدد من القادة من الجيل الثاني. وهذا الجيل إن أتقن قواعد العمل الجماعي وفهم احتياجات وتحديات المجتمع العربي الكندي وفهم قواعد العمل السياسي فسيستطيع أن يحقق الحلم ويرتقي بالعمل الجماعي.
س8 : للإعلام الكندي الناطق بالعربية أو الإعلام العربي المتواجد بكندا دور كبير هنا في هذه البلاد المتنوعة المنابت والعروق واللغات.. برأيكم الى أين وصل الإعلام وخاصة اذا ما تمت المقارنة مع إعلام الأثنيات الأخرى المتواجدة على الساحة .
ج8: لكل عمل بداية. ولا بد لأي عمل إن سار على الدرب السليم وأنشئ بأيدي كفاءات ومتخصصين أن يتطور ويرتقي. وقد رأينا في الخمس أعوام الماضية ظهور عدد كبير من المحاولات على الساحة منها ما يستحق التقدير والاحترام ومنها ما يزعج ويشعر بالخزي والعار. فالإعلام واجهة لمجتمعنا ومهمته من أهم المهمات، فأما ترتقي بتجمعنا أو تهوي به إلى أسفل سافلين ويجب أن تضبط بقواعد الاحتراف والمهنية. وهذا ما نراه في المجتمعات الإثنية الأخرى المتقدمة عنا. ومن منبركم الكريم أحيي كل الكفاءات في العمل الإعلامي المقروء والمسموع والمرئي على ما قدموه رغم الصعاب والتحديات وخصوصا من رواج المحتوى التافه والتحديات المادية. وأقول لهم يستمروا بتقديم الأفضل ولا يلتفوا للمنافسة الرديئة فإن ضعف وسوءة المنافسون سيظهر قوتكم وخيركم.
س9 : ماذا تقول للقادمين الجدد وخاصة للشباب منهم ؟
ج9: أقول لإخوتي وأخواتي وأبنائي وبناتي، خلقكم الله سبحانه وتعالى أعزاء وكرمكم على سائر المخلوقات فلا نتذلل لحزب ولا لقائد حزب. أنتم أصحاب حقوق فلا يمُنّ عليكم أحد بإعطائكم حقوقكم. اطلبوا حقوقكم بقوة واحترام. واعلموا أن لا قوة لنا إلا باجتماعنا. فاحرصوا على المشاركة في المجتمع العربي والمسلم وتقوية المجتمع العربي والمسلم ولا يصرفنكم عن مجتمعكم وجود النماذج السيئة فهي موجودة في كل المجتمعات. واجعلوا قوة ورفعة وسمو المجتمع العربي والمسلم هدف لكم ولأبنائكم. فالمجتمع هو الحصن الوحيد لنا ولأبنائنا.
س10: كلمة أخيرة لقراء ساخر سبيل وكندا سبيل .
ج10: الأخوة والأخوات الكرام قراء ساخر سبيل وكندا سبيل لكم مني كل التحية والاحترام على متابعة ودعم هذا المنبر الإعلامي المحترم في عصر الفضاء المعلوماتي المفتوح وغير المنضبط الذي كثر فيه إنحطاط المحتوى والفكر والمعنى. وأتوجه بالشكر للأخ الأستاذ محمد هارون على صموده في الحفاظ على هذا المنبر الإعلامي رغم كل التحديات والمصاعب، وأتنمى له ولمتابعيه كل التوفيق والنجاح.
حفظكم الله ووفقكم لكل خير.
***
الخاتمة : نتقدم للسيد فراس مريش بجزيل الشكر وعظيم الإمتنان على مشاركته لنا في هذا العدد ونتمنى له شخصياً التوفيق والنجاح وللبرامج والمشاريع التي يشرف عليها أو يشارك بها التفوق والوصول إلى أعلى الدرجات واسمى المراتب.
****

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock