شلبكيات

عابر سبيل – العدد 160- ص4

العنصريه والطائفيه تاريخياً بين العالم وكندا ودور الجاليه العربيه في نبذها .

عابر سبيل لهذاالعدد هو الدكتور أحمد الخفاجي .
والعبور بعنوان : العنصريه والطائفيه تاريخياً بين العالم وكندا ودور الجاليه العربيه في نبذها
الدكتور: احمد الخفاجي – هاملتون، أونتاريو .

في فبراير عام2006 اصدرت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تقريرا مطولاً ومهماً العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وجميع أشكال التمييز وكان نصيب العرب والمسلمين حصه كبرى في التقرير نتيجه ماكان يجري من تداعيات ومنها تنامت الاسلامفوبيا . أستعرض تفاصيل مهمه وخطيرة مرت بها الجاليات العربيه في مختلف بقاع الشتات من إضطهاد وعنف واعتداءات تنافي كل القواعد الانسانيه وكيف كانت ردة الفعل من قبل تلك الجاليات ازاء كل تلك الانتهاكات وهذا يقودنا بالفعل الى ان نستعرض تاريخ الطائفية والعنصرية هو سجل طويل ومعقد من الصراعات البشرية المبنية على “الآخر المختلف”. في جوهرهما، تشترك الظاهرتان في جذر واحد: الاعتقاد بأن التفوق أو الحقوق مرتبطة بالهوية (سواء كانت عرقية أو مذهبية) بدلاً من الإنسانية المشتركة فلو اردنا تعريف العنصرية مختصرا هي التمييز بناءً على الخصائص الجسدية أو الأصل العرقي او الديني او القومي او المهني الخ و لم تظهر العنصرية بشكلها الحديث (الممنهج) إلا مع بدايات عصر الاستكشاف. لعصور القديمة كان التمييز قديماً يعتمد على “التحضر” مقابل “البربرية”. الإغريق مثلاً رأوا أن كل من لا يتحدث اليونانية هو “بربري”، لكن هذا لم يكن مبنياً على لون البشرة بل على الثقافة.
تجارة العبيد وعصر الاستعمار: مع توسع القوى الأوروبية في الأمريكيتين وأفريقيا، ظهرت الحاجة لتبرير استعباد الشعوب. هنا ولدت فكرة “التفوق العرقي” الأبيض لتبرير الاستغلال الاقتصادي.
العنصرية العلمية (القرن 19): حاول بعض العلماء آنذاك استخدام علم الأحياء والأنثروبولوجيا لإثبات أن البشر ينقسمون إلى مراتب، ووضعوا العرق الأبيض في القمة. استخدمت هذه الأفكار لتبرير الاستعمار، ولاحقاً “الفصل العنصري” (Apartheid) في جنوب أفريقيا وقوانين “جيم كرو” في أمريكا ثم تاتي الطائفيه فبينما تركز العنصرية على الجسد، تركز الطائفية على المعتقد. هي تحويل الاختلاف المذهبي أو الديني إلى عداء سياسي واجتماعي مثلا مرت الحروب الدينية: في أوروبا صراعات مريرة، أبرزها “حرب الثلاثين عاماً” (1618–1648) بين الكاثوليك والبروتستانت، والتي أدت لمقتل الملايين قبل أن يستقر العالم الغربي على مبدأ “العلمانية” وفصل الدين عن الدولة. أما الشرق الأوسط فتعود جذور الانقسامات الطائفية في المنطقة إلى خلافات سياسية تاريخية تحولت مع الزمن إلى هويات دينية صلبة. في العصر الحديث، تم تسييس هذه الهويات لخدمة أجندات سياسية إقليمية ودولية، خاصة بعد سقوط الخلافة العثمانية ورسم الحدود الاستعمارية وصولنا للعقود الاخيرة من القرن العشرين وماتلاها من بدايات القرن الواحد والعشرين وكان من نتاجها ان تنامت الطائفية والعنصرية التي تتغذى على عدة عوامل تجعلها قادرة على البقاء سلبا وللحفاظ على المصالح السياسية يستخدم القادة “ورقة الهوية” لحشد الأنصار وتشتيت الانتباه عن الفشل الاقتصادي أو الفساد والفقر من خلال تحريك ادواته السلطويه او الدينيه بحكم طبيعه المنطقه.
الخوف من المجهول: وكما هو معروف ان الإنسان يميل طبيعياً للارتباط بمجموعته الصغرى (القبيلة، الطائفة) عندما يشعر بالتهديد وهنا تصبح الطائفيه والعنصريه منفذا له.
ولكن رغم قتامة التاريخ، أحرزت البشرية تقدماً ملحوظاً. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948):كخطوة هامه تم وضع حجر الأساس للمساواة القانونية عالمياً. مثل ثورة مارتن لوثر كينغ في أمريكا، ونضال نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا وغاندي وغيرها . أثبتت التجارب أن المجتمعات التي تتبنى التعددية والتعليم المنفتح هي الأكثر استقراراً وازدهاراً. إن تاريخ العنصرية والطائفية هو درس في كيفية تحويل “الاختلاف الطبيعي” إلى “خلاف مدمر”. ومواجهة هذه الظواهر لا تبدأ بالقوانين فقط، بل بوعي الفرد بأن كرامة الإنسان قيمة مطلقة لا تتجزأ بناءً على لون أو مذهب من كل هذا فاان الجاليه العربيه كانت تعاني من ذات المظاهر ومنها كندا فلم يكن طريق كندا نحو التسامح معبدًا بالورود، بل هو نتاج صراعات مريرة ومراجعات تاريخية جريئة. فكندا التي نراها اليوم كنموذج عالمي للتعايش، كانت في الماضي تعاني من نظام فصل عنصري ضد السكان الأصليين، وتمييز ضد الأقليات العرقية، وتوترات طائفية بين الكاثوليك والبروتستانت (الفرنسيين والبريطانيين).
تجاوزت كندا هذه الأزمات من خلال أربعة مسارات رئيسية حولت المجتمع من “بوتقة صهر” تحاول إلغاء الآخر إلى “فسيفساء” تحترم التعددية:
في السبعينيات، اتخذت كندا خطوة ثورية لم تسبقها إليها أي دولة أخرى، حيث لم تعد تعتبر التنوع “مشكلة” يجب حلها، بل “ثروة” يجب حمايتها من خلال مأسسة التعددية الثقافية (Multiculturalism).
كانت كندا أول دولة في العالم تتبنى سياسة رسمية للتعددية الثقافية تحت قيادة “بيير ترودو
قانون التعددية الثقافية (1988): الذي حوّل هذه السياسة إلى قانون ملزم يفرض على الحكومة حماية التراث الثقافي لجميع الكنديين وضمان مساواتهم في الحصول على الفرص بغض النظر عن أصلهم
أصبح احترام الآخر جزءاً من الدستور الكندي. ايضا ميثاق الحقوق والحريات عام 1982 لا يضمن فقط الحقوق الفردية، بل يحمي الحقوق الجماعية
وتم منع التمييز بناءً على العرق، الدين، الأصل الإثني، أو اللون
أعطى المحاكم سلطة إلغاء أي قانون يمارس التمييز، مما جعل الدولة خاضعة للمساءلة القانونية أمام الأقليات.
المصالحة مع السكان الأصليين (Truth and Reconciliation)
أكبر وصمة في تاريخ كندا كانت “المدارس السكنية” التي استهدفت محو ثقافة السكان الأصليين. لتجاوز هذا الماضي، لم تعتمد كندا سياسة النسيان، بل المواجهة الشجاعة:
لجنة الحقيقة والمصالحة: استمرت لسنوات في سماع شهادات الضحايا ووثقت الانتهاكات.
الاعتذار الرسمي: اعتذرت الحكومة الكندية والكنائس رسمياً عن الممارسات الماضية.
مع دعوات العمل Calls to Actionخطة عمل ملموسة لإصلاح النظام التعليمي والقانوني والصحي لإنصاف السكان الأصليين.
تُعد الجالية العربية في كندا من أكثر الجاليات حيوية وتنوعاً، وهي تمثل نموذجاً فريداً لكيفية انصهار الهويات المختلفة في بوتقة واحدة ترفض الصراعات الموروثة وتتبنى القيم الكندية رغم الاختلافات الدينيه والعرقيه والعقائديه الخ .
تجاوز العرب في كندا النزاعات الطائفية والعنصرية من خلال عدة سمات بارزة منها الهويه الجامعه اي العربي الكندي وهي من أحد أهم سمات التعايش هو الانتقال من الهويات الضيقة (مذهب أو عشيرة) إلى هوية أوسع تجمع بين “الإرث العربي” و”المواطنة الكندية تجاوز الخلافات السياسية: غالباً ما تترك الجالية الخلافات السياسية والمذهبية التي تعصف بالشرق الأوسط خلفها، مركزة على المصالح المشتركة مثل النجاح المهني، تعليم الأبناء، والاندماج
الفسيفساء” الاجتماعية داخل الجالية على عكس بعض الجاليات التي قد تتقوقع حول مذهب معين، تتميز بتداخل اجتماعي واسع و المناسبات المشتركة حيث يشارك العرب من مختلف الأديان في الاحتفالات الوطنية والدينية لبعضهم البعض، مما يكسر حواجز العزلة الطائفية كذلك السكن في الأحياء المختلطة لا توجد “غيتوهات” طائفية؛ فالعرب يعيشون في أحياء مختلطة وكذلك في الاعمال ولو اخذنا مثلا مدينتين في اونتاريوا ففي ميسساجا هناك بلازا ريجوي وفي ويندسور شارع الوايندات كنموذج مصغر مما يفرض تفاعلاً يومياً مبنياً على الجيرة والاحترام المتبادل
محاربة “العنصرية النظامية” بشكل جماعي بدلاً من الانشغال بالخلافات الداخلية، تتوحد الجالية لمواجهة التحديات الخارجية، مثل “الإسلاموفوبيا” أو “العنصرية ضد العرب” (Anti-Arab Racism):
الدفاع القانوني: التكاتف قانونياً للمطالبة بالحقوق في سوق العمل أو مواجهة التمييز في المؤسسات
زيادة تمثيل العرب في البرلمان الكندي (من مختلف الخلفيات) يعزز صوت الجالية ككتلة واحدة تطالب بالمساواة والعدالة للجميع.
القيم الاقتصادية كجسر للتعايش ضمن ثقافة العمل الكندية المهنية والتعاون، مما يجعل التركيز ينصب على “الإنجاز
الأعمال التجارية: المحلات والمطاعم العربية تخدم الجميع، وأصبحت مراكز تجمع ثقافي تعزز الروابط بين مختلف أطياف الجالية
ملخص سمات التعايش في الجالية العربية
إدامة علاقات المحبة والتعاون بين أبناء الجالية العربية في كندا، بمختلف انتماءاتهم، يتطلب الأمر تبني “دستور أخلاقي واجتماعي” غير مكتوب، يستلهم من القيم الكندية وقيمنا العربية الأصيلة في آن واحد
إليك أهم القواعد والركائز لتعزيز هذا التعايش السلمي
شخصيا اقترج تشكيل مجلس اعلى للمصالح العربيه في عموم كندا يكون كمنصه او برلمان اجتماعي للجاليه العربيه
القاعدة الذهبية للتعايش هي عدم استيراد صراعات الماضي أو النزاعات السياسية من الأوطان الأم إلى المجتمع الجديد
التركيز على القواسم المشتركة بدلاً من مناقشة خلافات السياسة في بلدان المنشأ، ومنها قضايا الاستقرار، تعليم الأبناء، والنجاح المهني في كندا.
احترام الخصوصية السياسية: الإيمان بأن لكل فرد الحق في تبني رأيه السياسي الخاص دون أن يكون ذلك سبباً في مقاطعته أو تهميشه اجتماعياً.
بدلاً من التجمع في مراكز “مغلقة” طائفياً، تبرز الحاجة إلى مأسسة الحوار والمساحات المشتركة من خلال مراكز “عربية جامعة”:
الجمعيات المهنية: مثل جمعيات المهندسين أو الأطباء العرب الادباء الخ ، حيث يكون المعيار هو “الكفاءة” والمنفعة المتبادلة وليس الانتماء الديني
المهرجانات الثقافية: المشاركة الجماعية في فعاليات مثل “مهرجان التراث العربي” تعزز صورة العرب ككتلة حضارية واحدة أمام المجتمع الكندي
القاعدة القانونية: “الاحترام فوق التسامح في كندا، لا نكتفي فقط بـ “تحمل” الآخر، بل بـ احترام حقوقه المكفولة دستورياً.
رفض خطاب الكراهية: التكاتف ضد أي فرد أو جهة داخل الجالية تبث سموم الفرقة أو التمييز العنصري، والوعي بأن القوانين الكندية تحمي الجميع من هذا الخطاب.
دعم “حق الاختلاف”: التعامل مع التنوع الديني والعرقي كـ “ثراء ثقافي” يزيد من قوة الجالية وتأثيرها في المجتمع الكندي.
يعتبر التطوع من أقوى أدوات دمج القلوب فالعمل التطوعي العابر للحدود الضيقة له اثره وتاثيره الكبير من خلال مبادرات الإغاثة الجماعية مثلا عندما تقع أزمة (كالزلازل أو الحروب) في أي بلد عربي، يتداعى الجميع للمساعدة بصفتهم “إخوة في الإنسانية والعروبة”، مما يذيب الجليد بين الأطياف المختلفة.
مساعدة القادمين الجدد: تقديم الدعم للمهاجر العربي الجديد بغض النظر عن دينه أو طائفته، يزرع بذور الوفاء والمحبة من اللحظة الأولى لوصوله.
ثمه قواعد مهمه يستوجب منا الالتزام بها منها
قاعدة الاحترام التهنئة في الأعياد (الفطر، الأضحى، الميلاد، الفصح) للجميع
قاعدة السمو تجنب النقاشات الدينية أو المذهبية الحادة في المجالس العامة
قاعدة المناصرة الوقوف مع أي ابن للجالية يتعرض لظلم أو عنصرية خارجية
استخدام اللغة العربية كجسر تواصل حضاري يجمع لا يفرق قاعدة اللغه
إن ما يجمعنا في كندا أكثر بكثير مما يفرقنا فالجميع يواجه تحديات الاندماج، الحفاظ على الهوية، ولابد ان نكون مدركين لاهميه التاخي والعمل المشترك والتثقيف دوما حول اشاعه ثقافه المحبه والوئام بقلب عربي نقي وابتسامه كنديه وحتى نكون صادقين بعرضنا هذا، فانه رغم هذا توجد ثله لاتزال تغذي الطائفيه والعنصريه بين أبناء الجاليه ويحملون من الضغائن الكثير بسبب تراكمات تم استيرادها معهم من مواطنهم الأصليه او بسبب قله الافق والجهل وهم اكثر مايحتاجون إلى دعمنا والوقوف معهم لتخطي هذه الحاله ليكونوا اكثر رقياً وانسانياً .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock