عربيات

السيدة دينا الشيخ ضيفة عابر سبيل لهذا العدد .

العبور بعنوان : كيان عربي كندي موحد .

كيان عربي كندي موحد
كتبت : السيدة دينا الشيخ من هاملتون – اونتاريو .
****
ما الذي يسكنك أكثر من أي شيء؟ الوطن أم الحبيب؟ جذورك الممتدة إلى أبد الحنين، أم قصتك الجديدة ومنشأها ودروبها الشيقة؟
ونحن نقيد تفاصيلنا في دفاترنا المنغمسة في ذكريات الطفولة والوطن، لم ندخر وسعا في أن يكبر فينا هذا الانتماء الصاخب جدا، الذي تعانقه رائحة الأرض والهواء، ظل شجرة وغيمة، مائدة لم نتذوق صدق الحب فيها في أي مكان في العالم!..
ما أعذب وأقسى هذا الرباط الروحي المتشبث بنا حتى الموت!
هذه اللُحمة المستفيضة قوة وجلالا، لا أجد لها إلا تفسيرا واحدا، أجده أقرب من كل احتمال فرضيّ تجريبيّ، وهو أنك خرجت من طينة تلك البلاد، ونبتَّ بمائها، أطعمتك الفرح والألم، حتى صرت شجرة تبتهل باسمها، تغني بحريتها، تشتاق لأن تراها تحلق بعيدا وأن تظل أنت مكبلا بها حتى آخر رمق للأمل.
نأتي إلى بلاد المهجر وقد تلونّ كل ما فينا بخصوصية ثقافة ليس من السهل أن نتقمص غيرها، ولكن يمككنا أن نضيف عليها، بهذه القوة الدافعة التي تسمى الحياة، التي جعلت المستحيل ممكنا، والصعب سهلا، فترى أبناء الجالية العربية بكندا في كل منحى، قد انخرطوا بشكل كبير وجادٍ في مجالات العمل المختلفة، بل وتفوقوا كثيرا وبشكل ملفت لا يمكن تجاهله، من نجاح الأفراد، إلى المؤسسات، وأسهموا على مدى عشرات السنين في بناء وتقدم هذه البلاد الشاسعة كأحلام المهاجرين.
والآن، بعد كل هذه المقدمة الطللية الطويلة، دعونا ننسلخ من هذا الجو السردي العاطفي، إلى واقع تعيشه الجالية العربية الكندية اليوم، وسأركز على الجانب الثقافيّ.
ما لفت انتباهي لفترة طويلة، هو عدم وجود كيان مؤسسي جامع وشامل لكل أبنا الجاليات العربية في كندا، كيان يشمل تحت مظلته كل أطياف هذه الثقافة، يتم انتخاب مجلس إدارته بشكل ديمقراطي، ليضم ممثلا لكل جالية عربية.
الجهود الفردية مهما عظمت، فلن يكون لها الحضور الطاغي المؤثر على المدى البعيد. أبناء هذه الثقافة يحتاجون التواصل بينهم بشكل منظم ومدروس، لترسيخ الهوية الثقافية والفكرية الضاربة في القدم. نعم نحتاج إلى الإندماج في المجتمع الكندي والذي به الكثير من الإيجابيات التي لا تحصى، ولكن يجب أن نربط الأجيال الجديدة بتاريخهم وذاكرتهم الإنسانية، هذا حق أكيد.
كما احتفظ الفرنسيون والإنجليز بهويتهم الثقافية في كندا، لما لا نقدم مثالا يُحتذى، ونكون ممن ساهم في ترسيخ هذه الثقافة ورفدها بكل ما يصب في مصلحة الأفراد والجماعة، بدلا من أن تنطوي كل جالية على ذاتها ولا تأبه بغيرها إلا قليلا.
لماذا لا يوجد كيان موحد للجالية العربية الكندية، يهتم ويحتفي بالإسهامات التي قام بها الكثيرون من أبناء الجالية عبر سنين طويلة ممتدة؟
لما لا ندعم العرب الكنديين في المنافسات الدولية والعالمية؟
لما لا توجد منصة إعلامية جامعة بدون تحيز لفئة أو جهة!
هذا الكيان إن وجد، يمكنه أن يقدم الكثير لخدمة الثقافة والأنشطة العربية في كندا، بل وخارجها أيضا، كدعم المدارس العربية في كل المقاطعات الكندية، وتشجيع تعلم اللغة العربية.
أيضا، وجود مكتبة عربية باسم الجالية، سيسهم بلا شك وبصورة فاعلة.
هناك عدد لا يستهان به من الكتاب والمفكرين العرب بكندا الذين سيدعمون هذا المقترح لو تضافرت الجهود.
هذه اقتراحات نأمل الوقوف عندها، وأولها: وجود كيان معتبر، معترف وموثوق به من كل الجهات، ليمثل ويخدم هذه الشريحة المهمة والنامية في المجتمع الكندي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock